جنون سوبارو: عندما صنعت محرك 4 سلندر توين توربو لا مثيل له في العالم!

سوبارو محرك 4 سلندر توين توربو

واجهت شركة سوبارو اليابانية في فترة التسعينيات لحظة جريئة نادرة في تاريخها الحديث: مشروع لإنتاج محرك 4 سلندر توين توربو بتكوين ”فلات فور“، هذا القلب النابض تم وصفه بأنه ”جنون محض“، لأنه يُعد الوحيد من نوعه في العالم رباعي الأسطوانات يعمل بهذا النظام المعقّد.

سوبارو الشركة الوحيدة التي صنعت محرك 4 سلندر توربو تيربو

مكينة 4 سلندر توين توربو

لماذا كان هذا المحرك حاجة وتجربة؟

ردت سوبارو على مشكلة ضعف عزم الدوران في المحركات المتسلسلة الصغيرة التي تزود سياراتها بكل قدرات الدفع الرباعي. فبدلاً من زيادة حجم المحرك – مما يكلف المستخدم ضرائب أعلى في اليابان – ابتكرت سوبارو نظام مزدوج التيربو لتغطية الثغرات في الأداء المنخفض والعالي للدوران.

وشاركت في السوق الياباني والعالمي بمحرك Legacy GT عام 1993، ثم تعديلات لإخراج قوة 246 حصانًا، وتطور لاحقًا إلى 256 حصان ثم 276 حصان. ولم يقتصر الأمر على مجرد القوة؛ بل التعقيد التقني وصل إلى حد مكوِّنات متشابكة من خطوط التفريغ والصمامات الكهربائية المستجيبة لسرعة المحرك – كل ذلك يُدار بواسطة كمبيوترات بسيطة تخص تلك الحقبة!

فلسفة الأداء الكامل

الفكرة الأساسية من محرك 4 سلندر توين توربو تعتمد على مضاعفة قدرة المكينة عبر نظامين تيربو: الأول أصغر لتوفير عزم منخفض الانطلاق، والثاني أكبر لتفعيل الأداء الكامل على سرعات دوران عالية. النظام أثبت فعاليته من الناحية النظرية، لكن التنفيذ العملي كان مليئًا بالتحديات.

يبدأ المحرك بسرعة بسيطة مدفوعة بالتيربو الأول، وعند وصول الدوران إلى 3,500–4,500 دورة، تفتح صمامات تعزز الضخ على التيربو الثاني، ثم يعمل الاثنان بالتزامن للوصول إلى القوة القصوى. لكنه في الوقت ذاته، يعاني من وادي الموت (Valley of Death) عند الانتقال بين الضغوط، وهو هبوط واضح في الأداء يُفقده توازنه أحيانًا.

subaru-twin-turbo-flat-four

”وادي الموت“ عدو الأداء الناعم

أغلب المستخدمين لاحظوا فجوة في تعزيز العزم عند مستويات الدوران المحددة. وُصفت بأنها هبوط قدره 4.4 رطل/إنش مربع من ضغط الشحن، ما أثر على السلاسة في الانتقال واستجابة المحرك.

هذا الهبوط كان سببًا في أن محبي التعديل في تلك الحقبة يزيلون النظام الثنائي التوربو لصالح تيربو واحد بسيط. ومع ذلك، ظل النظام المزدوج يحظى بحصة احترام جمالية وبحثية بسبب جرأته التقنية.

لماذا توقفت سوبارو عن هذا الجنون؟

عندما أصدرت الجيل الرابع من محرك Legacy عام 2004، أوقفت هذا المحرك لصالح نظام تيربو واحد بممر ثنائي، وهو أحدث وأكثر موثوقية وأقل تعقيدًا في الصيانة.

في رأي مراقبين تخصصيين مثل Chris Perkins، كانت تلك تجربة جميلة، لكنكم ستسألون أنفسكم لاحقًا: هل تساءلت سوبارو حقًا إذا كانت التجربة تستحق كل هذه التعقيدات؟ الجواب المتوازن يميل نحو أن المرح كان ممكنًا، لكن الاستقرار والموثوقية المنتظمة كانت أبرز أولويات المستقبل.

مكينة 4 سلندر توين توربو

حكاية تكنولوجيا نادرة ورؤية أمجاد الماضي

يُذكر أن هذه ليست تجربة وحيدة لشركات يابانية في بدايات التشبّع التكنولوجي؛ فقد قامت تويوتا وسوبارو ومازدا بتجارب مماثلة، لكن سوبارو فقط من قدمت محرك 4 سلندر توين توربو للأسواق الفعلية. والحقيقة أن هذه القصة تعكس روح التسعينيات اليابانية في السعي خلف التقنية والإبداع بثمن.

حتى يومنا هذا، لم ينتج أي مصنع محركًا رباعي الأسطوانات مزدوج التيربو مشابه، الأمر الذي يجعل تجربة سوبارو فريدة واستثنائية.

هذه هي سيارة سوبارو WRX tS 2025 الجديدة.

الخلاصة: متعة التقنية أم أداة معقدة؟

محرك Legacy GT المزدوج التيربو ليس مجرد تراث تقني، بل تجربة مريرة ومليئة بالتناقضات؛ بين الفكرة المجنونة والعاطفة التقنية من جهة، وبين التحديات العملية والمشاكل الواقعية من جهة أخرى.

فهل تفضل أن تمتلك سيارة مثل هذه تُبقيك في دائرة تجارب وصيانة مستمرة، مقابل أن تستمتع بعزوة تقنية تُصنّف في كتب التاريخ؟ أم أن النظام التقليدي البسيط هو الخيار الأفضل لمن يسعى للموثوقية والسلامة العملية؟

المشهد اليوم يتغير نحو تقنيات أشهر وأسهل، لكن هذا المحرك يذكّرنا بأن أحيانًا، ”الجنون قد يكون هو الحافز الحقيقي للاختراع!“.

قد يهمك: مقارنة بين ميتسوبيشي لانسر ايفو و سوبارو WRX STI لتعرف من الأفضل.

خلال هذا الشهر

إنضم لأكثر من 15 مليون متابع